لماذا خص الله الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال ؟
صفحة 1 من اصل 1
لماذا خص الله الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال ؟
لماذا خص الله الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال ؟
لقد خص الله الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال فقال : ( إلا الصيام فإنه لي ) ..
وقد كثر القول في معنى ذلك من الفقهاء وغيرهم ، وذكروا فيه وجوهاً كثيرة ، ومن أحسن ما ذكر فيه وجهان :
أحدهما : أن الصيام هو مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية التي جبلت على الميل إليها لله عز وجل ، ولا يوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام ؛ لأن الإحرام إنما يترك فيه الجماع ودواعيه من الطيب دون سائر الشهوات من الأكل والشرب ، وذلك الاعتكاف مع أنه تابع للصيام .
وأما الصلاة فإنه وإن ترك المصلى فيها جميع الشهوات إلا أن مدتها لا تطول ، فلا يجد المصلى ونفسه تتوق إلى طعام بحضرته حتى يتناول منه ما يسكن نفسه ، ولهذا أمر بتقديم العشاء على الصلاة
وهذا بخلاف الصيام ؛ فإنه يستوعب النهار كله ، فيجد الصائم فقد هذه الشهوات ، وتتوق نفسه إليها ، خصوصاً في نهار الصيف ؛ لشدة حره وطوله ، ولهذا روي أن من خصال الإيمان الصوم في الصيف ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصوم رمضان في السفر في شدة الحر دون أصحابه كما قال أبو الدرداء ، وورد أنه صلى الله عليه وسلّم كان بالعرج يصب الماء على وهو صائم من العش أو من الححر .
فإذا اشتد توقان النفس إلى ما تشتهيه مع قدرتها عليه ، ثم تركته لله عز وجل في موضع لا يطلع عليه أحد إلا الله ، كان ذلك دليلاً على صحة الإيمان ، فإن الصائم يعلم أن له رباً يطلع عليه في خلوته ، وقد حرم عليه أن يتناول شهواته المجبول على الميل إليها في الخلوة ، فأطاع ربه ، وامتثل أمره ، واجتنب نهيه خوفاً من عقابه ، ورغبة في ثوابه ، فشكر الله تعالى له ذلك ، واختص لنفسه عمله هذا من بين سائر أعماله ؛ ولهذا قال بعد ذلك : ( إنه إنما ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ) .
ولما علم المؤمن الصائم أن رضا مولاه في ترك شهواته قدم رضا مولاه على هواه ؛ فصارت لذته في ترك شهوته لله ، لإيمانه باطلاع الله عليه ، وثوابه وعقاب أعظم من لذته في تناولها في الخلوة ؛ إيثاراً لرضا ربه على هوى نفسه ، بل المؤمن يكره ذلك في خلوته أشد من كراهته لألم الضرب ، وهذا من علامات الإيمان أن يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته إذا علم أن الله يكرهه ، فتصير لذته فيما يرضي مولاه وإن كان مخالفاً لهواه ، ويكون ألمه فيما يكرهه مولاه وإن كان موافقاً لهواه . كما قيل :
عذابه فيك عذاب *** و بعده فيك قرب
وأنت عندي كروحي *** بل أنت منها أحب
حسبي من الحب أني *** لما تحب أحب
الوجه الثاني : أن الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع عليه غيره ؛ لأنه مركب من نية باطنة لا يطلع عليها إلا الله ، وترك لتناول الشهوات التي يستخفى بتناولها في العادة ، ولذلك قيل : لا تكتبه الحفظة . وقيل : إنه ليس فيه رياء ، وقد يرجع إلى الأول ؛ فإن من ترك ما تدعوه نفسه إليه لله عز وجل حيث لا يطلع عليه غير من أمره ونهاه ، دل على صحة إيمانه ، والله تعالى يحب من عباده أن يعاملوه سراً بينهم وبينه ، بحيث لا يطلع على معاملتهم إياه سواه ، حتى كان بعضهم يود لو تمكن من عبادة لا تشعر بها الملائكة الحفظة . وقال بعضهم لما اطلع على بعض سرائره : إنما كانت تطيب الحياة لما كانت المعاملة بيني وبينه سراً ، ثم دعا لنفسه بالموت فمات . المحبون يغارون من اطلاع الأغيار على الأسرار التي بينهم وبين من يحبهم ويحبونه ..
لا تذع الســـر المصون فإنني *** أغار على ذكر الأحبة من صحبي
لقد خص الله الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال فقال : ( إلا الصيام فإنه لي ) ..
وقد كثر القول في معنى ذلك من الفقهاء وغيرهم ، وذكروا فيه وجوهاً كثيرة ، ومن أحسن ما ذكر فيه وجهان :
أحدهما : أن الصيام هو مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية التي جبلت على الميل إليها لله عز وجل ، ولا يوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام ؛ لأن الإحرام إنما يترك فيه الجماع ودواعيه من الطيب دون سائر الشهوات من الأكل والشرب ، وذلك الاعتكاف مع أنه تابع للصيام .
وأما الصلاة فإنه وإن ترك المصلى فيها جميع الشهوات إلا أن مدتها لا تطول ، فلا يجد المصلى ونفسه تتوق إلى طعام بحضرته حتى يتناول منه ما يسكن نفسه ، ولهذا أمر بتقديم العشاء على الصلاة
وهذا بخلاف الصيام ؛ فإنه يستوعب النهار كله ، فيجد الصائم فقد هذه الشهوات ، وتتوق نفسه إليها ، خصوصاً في نهار الصيف ؛ لشدة حره وطوله ، ولهذا روي أن من خصال الإيمان الصوم في الصيف ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصوم رمضان في السفر في شدة الحر دون أصحابه كما قال أبو الدرداء ، وورد أنه صلى الله عليه وسلّم كان بالعرج يصب الماء على وهو صائم من العش أو من الححر .
فإذا اشتد توقان النفس إلى ما تشتهيه مع قدرتها عليه ، ثم تركته لله عز وجل في موضع لا يطلع عليه أحد إلا الله ، كان ذلك دليلاً على صحة الإيمان ، فإن الصائم يعلم أن له رباً يطلع عليه في خلوته ، وقد حرم عليه أن يتناول شهواته المجبول على الميل إليها في الخلوة ، فأطاع ربه ، وامتثل أمره ، واجتنب نهيه خوفاً من عقابه ، ورغبة في ثوابه ، فشكر الله تعالى له ذلك ، واختص لنفسه عمله هذا من بين سائر أعماله ؛ ولهذا قال بعد ذلك : ( إنه إنما ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ) .
ولما علم المؤمن الصائم أن رضا مولاه في ترك شهواته قدم رضا مولاه على هواه ؛ فصارت لذته في ترك شهوته لله ، لإيمانه باطلاع الله عليه ، وثوابه وعقاب أعظم من لذته في تناولها في الخلوة ؛ إيثاراً لرضا ربه على هوى نفسه ، بل المؤمن يكره ذلك في خلوته أشد من كراهته لألم الضرب ، وهذا من علامات الإيمان أن يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته إذا علم أن الله يكرهه ، فتصير لذته فيما يرضي مولاه وإن كان مخالفاً لهواه ، ويكون ألمه فيما يكرهه مولاه وإن كان موافقاً لهواه . كما قيل :
عذابه فيك عذاب *** و بعده فيك قرب
وأنت عندي كروحي *** بل أنت منها أحب
حسبي من الحب أني *** لما تحب أحب
الوجه الثاني : أن الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع عليه غيره ؛ لأنه مركب من نية باطنة لا يطلع عليها إلا الله ، وترك لتناول الشهوات التي يستخفى بتناولها في العادة ، ولذلك قيل : لا تكتبه الحفظة . وقيل : إنه ليس فيه رياء ، وقد يرجع إلى الأول ؛ فإن من ترك ما تدعوه نفسه إليه لله عز وجل حيث لا يطلع عليه غير من أمره ونهاه ، دل على صحة إيمانه ، والله تعالى يحب من عباده أن يعاملوه سراً بينهم وبينه ، بحيث لا يطلع على معاملتهم إياه سواه ، حتى كان بعضهم يود لو تمكن من عبادة لا تشعر بها الملائكة الحفظة . وقال بعضهم لما اطلع على بعض سرائره : إنما كانت تطيب الحياة لما كانت المعاملة بيني وبينه سراً ، ثم دعا لنفسه بالموت فمات . المحبون يغارون من اطلاع الأغيار على الأسرار التي بينهم وبين من يحبهم ويحبونه ..
لا تذع الســـر المصون فإنني *** أغار على ذكر الأحبة من صحبي
والله أعلم
منقووووووووووووول
Roo7- نائبة المدير العام
-
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 27/10/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى