منتديات جدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

من ثمار التوكل

اذهب الى الأسفل

من ثمار التوكل Empty من ثمار التوكل

مُساهمة من طرف Roo7 السبت سبتمبر 12, 2009 3:19 pm

من ثمارالتوكل علىالله






التوكل على الله تعالى: شجرة طيبة، لا تؤتي إلاثماراً طيبة، في النفس وفي الحياة: حياة الفرد، وحياة الجماعة من خلاله .








السكينة والطمأنينة



أولى هذه الثمار: سكينة النفس، وطمأنينة القلب، التي يشعر بها المتوكل على ربه،ويحس بها تملأ أقطار نفسه، فلا يحس إلا الأمن إذا خاف الناس، والسكون إذا اضطربالناس، واليقين إذا شك الناس، والثبات إذا قلق الناس، والأمل إذا يئس الناس، والرضاإذا سخط الناس .

إنه أشبه بجندي أوى إلى حصن حصين، فيه فراشه وطعامه،وذخائره وسلاحه، يرى منه ما يرى، ويَرمي ولا يرمى، فلا يهمه ما يدور في الخارج منصخب الألسنة، أو اشتجار الأسنة.
إنها الحالة التي وجدها موسى عليه السلام، حينقال له أصحابه: "إنَّا لمدركون" (قال كلا، إن معي ربي سيهدين) (الشعراء: 62).

إنها الحالة التي وجدها النبي صلى الله عليه وسلم في الغار حين أشفق عليهأبو بكر، فقال له: (لا تحزن إن الله معنا) (التوبة: 40).

إنها الحالة التيوجدها إبراهيم الخليل حين ألقي في النار، فلم يشتغل بسؤال مخلوق من إنس أو ملك! ولميشتغل إلا بقوله: حسبي الله ونعم الوكيل .

وفي صحيح البخاري عن ابن عباسرضي الله عنهما قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل" قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلمحين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: (إن الناس قدجمعوا فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل).


دخلت مرة أحد المساجد في مدينة استانبول، فوجدتفيه بيتين من الشعر كتبا بخط جميل، فحفظتهما. يقول الشاعر :


فوحقه لأسلمن لأمره
..........................في كـل نازلة وضيق خناق!
موسى وإبراهيم لما أسلما
...........................سلما من الإغراق والإحراق!





إنها الحالة التي وجدتها هاجر حين وضعها إبراهيم معابنها إسماعيل بواد غير ذي زرع، في مكة عند مكان البيت المحرم، ولا أنيس ولا جليس،ثم ودعها قافلاً، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: هو إذن لا يضيعنا!






القـــــــــــوة




ـ ومن هذه الثمار: القوة التي يحس بها المتوكل علىالله. وهى قوة نفسية روحية تصغر أمامها القوة المادية، قوة السلاح، وقوة المال،وقوة الرجال .

وفي حديث ضعيف: "من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومنسره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما فييد الله أوثق منه بما في يده"

نجد ذلك واضحاً في موقف شيخ الأنبياء نوح،وقد كذبه قومه، واتهموه بالجنون، وأصروا واستكبروا استكباراً، واتبعوا من لم يزدهماله وولده إلا خساراً، فواجههم بقوله: (يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيريبآيات الله فعلى الله توكلت فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثماقضوا ما إليَّ ولا تنظرون * فان توليتم فما سألتكم من أجرٍ، إن أجري إلا على الله،وأمرت أن أكون من المسلمين) (يونس: 71، 72).

ونلمس هذه القوة في موقف نبيالله هود أمام قومه عاد الذين أنكر عليهم شركهم وفسادهم وتجبرهم، وهم الذين بنوابكل ريع آية يعبثون، واتخذوا قصوراً ومصانع لعلهم يخلدون، وإذا بطشوا بطشوا جبارين،وهم الذين استكبروا في الأرض بغير الحق، وقالوا: من أشد منا قوة؟
لقد جابههم هود عليه السلام ودعاهم إلى التوحيد والاستقامة وتقوى الله فـ (قالوا يا هود ماجئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلااعتراك بعض آلهتنا بسوء) (هود: 53، 54).

ولم يبال هود بهذا الهراء ووقفيقول في يقين القوي، وقوة الموقن: (إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * مندونه، فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم، ما من دابة إلاهو آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم * فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم، ويستخلف ربي قوماً غيركم ولا تضرونه شيئاً، إن ربي على كل شيء حفيظ) (هود:54ـ57)


فهو يقف موقف التحدي للمشركين وآلهتهم المزعومة، معتمداً علىربه ورب كل شيء، فهم جميعاً في جانب، وهو وحده في جانب، معهم القوة والعدد، وليسمعه من الخلق أحد، بيد أن معه القوة التي لا تقهر، قوة الله الغالب، الآخذ بناصيةكل دابة، الحكيم في صنعه وتدبيره، فلا يفعل شيئاً عبثاً، ولا يدع شيئاً اعتباطاً: (إن ربى على صراط مستقيم).


ونشاهد هذه القوة في موقف سيدنا شعيب، حين (قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أولتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين * قد افترينا على الله كذباً إن عدنا فيملتكم بعد إذ نجانا الله منها، وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا،وسع ربنا كل شيء علماً، على الله توكلنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنتخير الفاتحين) (الأعراف: 88، 89).


ونبصر هذه القوة في موصف المؤمنين منأصحاب "طالوت"، وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً (عدة أهل بدر) وقد لقوا عدواً أكثرعدداً وعدة، وهو "جالوت" وجيشه الكثيف، حتى قال من قال من رجال "طالوت": (لا طاقةلنا اليوم بجالوت وجنوده) (البقرة: 249). وهنا تجلى توكل الفئة المؤمنة وقوتهاالنفسية: (قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذنالله، والله مع الصابرين * ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراًوثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم بإذن الله) (البقرة: 249 - 251).


وندرك هذه القوة في موقف صحابة رسول الله يوم الأحزاب، وقد تجمعتجيوشهم وحاصرت المدينة، فلم يفت ذلك في عضد المسلمين، بل كانوا كما وصفهم الله: (ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، ومازادهم إلا إيماناً وتسليماً) (الأحزاب: 22). ثم ذكر لنا نموذجاً منهم فقال: (منالمؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر، ومابدلوا تبديلاً) (الأحزاب: 23).


وأعظم من ذلك: موقفه صلى الله عليهوسلم، وهو يحفر الخندق، ثم هو يعد أصحابه بفتح اليمن، وفتح مملكتي كسرى وقيصر. وهوما جعل أهل النفاق يتندرون ويسخرون: (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ماوعدنا الله ورسوله إلا غروراً) (الأحزاب: 12).
وكذلك كان شأن المنافقين أبداً.يتهمون المؤمنين من أصحاب النبي الكريم بالتهور والغرور، وذلك لأنهم لا يبالون بعددعدوهم ولا عدته، متوكلين على الله تعالى. ويقول القرآن في سورة الأنفال التي عقبفيها على غزوة بدر: (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم، ومنيتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم) (الأنفال: 49).

أجل .. عزيز لا يذل من لاذ بجنابه، حكيم لا يضيع من وثق بتدبيره.


وفي جهاد عصرنا رأينا الفئة القليلة تنتصر على الفئةالكثيرة بالتوكل على الله تعالى، والحرص على الشهادة في سبيل الله. كما في حربالجزائر ضد الاستعمار الفرنسي، وكما في جهاد أفغانستان ضد الغزو الشيوعي السوفييتي،وكما في صمود إخوتنا في البوسنة ضد العدوان الصربي .

لقد بدا الاخوة فيأفغانستان جهادهم بعدد قليل من المسدسات والبنادق القديمة، معتمدين على الله تعالىأن يشد أزرهم، ويوفقهم لأخذ السلاح من عدوهم. وما زالوا يقاتلون بإمكاناتهمالمحدودة، حتى هيأ الله لهم الأسباب التي تمدهم بالسلاح، حتى من أعتى قوى الكفر،التي لا تريد خيراً للإسلام. فقد خوف الله بعضهم من بعض، وكان من وراء ذلك خيرللمسلمين. وهذا ما كان يدعو به بعض السلف: اللهم اشغل الظالمين بالظالمين، وأخرجنامن بينهم سالمين .



Roo7
Roo7
نائبة المدير العام

انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 27/10/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

من ثمار التوكل Empty رد: من ثمار التوكل

مُساهمة من طرف Roo7 السبت سبتمبر 12, 2009 3:31 pm

العـــــــــزَّة



ـومن ثمار التوكل: العزة، التي يحس بها المتوكل، فترفعهمكاناً علياً، وتمنحه ملكاً كبيراً، بغير عرش ولا تاج، وهي قبس من عزة المتوكَّلعليه، كما قال تعالى: (وتوكل على العزيز الرحيم) (الشعراء: 217)، (ومن يتوكل علىالله فإن الله عزيز حكيم) (الأنفال: 49).

فالمتوكل هنا عزيز بغير عشيرة، غني بغير مال، ملك بغير جنودولا أتباع .

أجل هو ملك، ولكنه من ملوك الآخرة، لا من ملوك الدنيا.فملوك الدنيا يشعرون بحاجتهم إلى من حولهم من الأتباع والأنصار، كما يشعرون بالخوفعلى ملكهم أن يزول بالكيد من الداخل، أو بالغزو من الخارج، أو بالموت الذي لا يفرقبين ملك وسوقة .




أما ملوك الآخرة فقلوبهم معلقة بالله تعالى، لايرجون إلا رحمته، ولا يخافون إلا عذابه. فهم كما وصفهم الشاعر:



......................................
عبيد، ولكن الملوك عبيدهم
وعبدهموأضحى له الكون خادما!




قال أحد الخلفاء لأحد علماء السلف الصالح يوماً:ارفع إلينا حوائج دنياك نقضها لك!
قال: إني لم أطلبها من الخالق فكيف أطلبها منالمخلوق؟!
يريد أن الدنيا أهون عنده من أن يسألها من الله تعالى، فهو إذا سألربه يسأله ما هو اعظم وأعلى من الدنيا وهو الآخرة والجنة ورضوان الله تبارك وتعالى .


ولذا كان بعض الصالحين يقول عن أمراء زمانه: اللهم أغننا عنهم، ولاتغننا بهم!
إن العزة لا تطلب عند أبواب السلاطين، بل هي لا تطلب إلا من بابواحد ذكره القرآن فقال: (من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً) (فاطر: 10).

وبيَّن أن طلب العزة من عند غيره إنما هو شأن المنافقين المدخولين فيإيمانهم: (بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً * الذين يتخذون الكافرين أولياء مندون المؤمنين، أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً) (النساء: 138، 139).

وروى ابن عطاء الله عن شيخه أبي العباس المرسى أنه سمعه يقول: "والله مارأيت العز إلا في رفع الهمة عن الخلق"

قال: وكان يقول رحمه الله: "للناسأسباب، وسببنا نحن الإيمان والتقوى .. قال الله سبحانه: (ولو أن أهل القرى آمنواواتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) (الأعراف: 96).
يعني: وليس منالإيمان والتقوى مد الأيدي ولا الأعين إلى ما عند الخلق .

قال ابن عطاءالله: "اعلم أن رفع الهمة عن الخلق، شأن أهل الطريق، وصفة أهل التحقيق"




قال: وكان بعض العارفين ينشد :

حرام على من وحد الله ربّه
...............................
وأفــرده أن يجتدى أحداً رفدا!
ويا صاحبي قف لي مع الحق وقفة
...............................
أموت بها وجداً، وأحيا بها وجدا!
وقل لملوك الأرض تجهد جهدها
.................
فذا الملك ملك لا يباع ولا يهدى!



يقول ابن عطا الله: "ورفع الهمة إنما ينشأ عن صدق الثقة بالله .
وصدق الثقة بالله إنما ينشأ عن الإيمان بالله على سبيل المعاينة والمواجهةفيوجب لهم إيمانهم الاعتزاز بالله، قال الله سبحانه: (ولله العزة ولرسولهوللمؤمنين) (المنافقون: 8 ).
والنصر من عند الله، قال سبحانه : (وكان حقاًعلينا نصر المؤمنين) (الروم: 47).
والنجاة من العوارض الصادة عن الله، قال اللهسبحانه (كذلك حقاً علينا ننج المؤمنين) (يونس: 103).

فعز المؤمن بالله ثقتهبمولاه، ونصرته على نفسر ومراه، ونجاته من العوارض أن تقطعه عن سبيل هداه .
وشعار أهل الإرادة ودثارهم: الاكتفاء بالله، ورفع الهمة عما سواه، وصيانة ملابسالإيمان من أن تدنس بالميل إلى الأكوان، والطمع في غير الملك المنان.




ولنا في هذا المعنى :


الله يعــلم أنني ذو همـــة
تــأبى الدنايا عفةوتطرفـــا
[size=16ا[/size]
لم لا أصون على الورى ديباجتي
وأريهمو عز الملوك وأشرفـــا؟

أأريهمــوأني الفقير إليهمــو

.وجميعــهم لا يستطيع تصرفـا؟


أم كيف أسأل رزقه منخلقـه؟
هذا -لعمري إن فعلت- هو الجفا


.شكوى الضعيف إلى ضعيف مثله
عجــز أقام بحامليه على شفـا


فاسترزق الله الذي إحسانــه
.
عــم البرية منة وتعطفــــا


والجــأ إليه تجده فيما ترتجي
لا تعــد عن أبوابه متحرفــا





والذي يوجبلك رفع الهمة عما سوى الله: علمك بأنه لم يخرجك إلى مملكته إلا وقد كفاك، ومنحكوأعطاك، ولم يبق لك حاجة عند غيره".

ومن أقوال ابن عطاء الله هنا:
"
قبيح منك أن تكون في دار ضيافته، وتوجه وجه طمعك لغيره"!
"
لا تتطلب ممن هوعنك بعيد، وتترك الطلب من مولى هو أقرب إليك من حبل الوريد"
ألم تسمع قول اللهتعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) (البقرة : 186).
وقال سبحانه: (ادعونيأستجب لكم) (غافر: 60).
وقال سبحانه: (واسألوا الله من فضله) (النساء : 32).
وقال سبحانه: (وان من شيء إلا عندنا خزائنه) (الحجر:21).
كل ذلك ليجمع هممعباده عليه، وكيلا يرفعوا حوائجهم إلا إليه"!.





عدل سابقا من قبل Roo7 في السبت سبتمبر 12, 2009 4:02 pm عدل 1 مرات
Roo7
Roo7
نائبة المدير العام

انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 27/10/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

من ثمار التوكل Empty رد: من ثمار التوكل

مُساهمة من طرف Roo7 السبت سبتمبر 12, 2009 3:34 pm

الرضــــــا



ومنثمرات التوكل على الله "الرضا" الذي ينشرح به الصدر،وينفسح له القلب. قال بعضهم: "متى رضيت بالله وكيلاً، وجدت إلى كل خير سبيلاً".
وبعضهم جعل "الرضا" جزءاً من ماهية التوكل، أو درجة من درجاته .
قال بعضهم: "التوكل هو الرضا بالمقدور".
وقد ذكرنا قول بشر الحافي: "يقول أحدهم: توكلت علىالله، يكذب على الله، لو توكل على الله رضي بما يفعل الله".

وسئل يحيى بنمعاذ: متى يكون الرجل متوكلاً؟ فقال: "إذا رضي بالله وكيلاً".

والراجح ماذهب إليه ابن القيم: أن الرضا ثمرة التوكل، ومن فسر التوكل به فإنما فسره بأجلثمراته، وأعظم فوائده، فإنه إذا توكل حق التوكل رضي بما يفعله وكيله .
قال:وكان شيخنا -رضى الله عنه- يقول: المقدور يكتنفه أمران: التوكل قبله، والرضا بعده،فمن توكل على الله قبل الفعل، ورضي بالمقضي له بعد الفعل، فقد قام بالعبودية. أومعنى هذا.
ومن لوازم الرضا وتوابعه: الفرح والروح، وهو ما روى في حديث ابنمسعود مرفوعاً: "إن الله عز وجل بقسطه وعدله جعل الفرح والروح في الرضا واليقين،وجعل الغم والحزن في السخط والشك".

إن المتوكل موقن أن تدبير الله خير لهمن تدبير نفسه وأنه أبداً في كفاية الله تعالى وكفالته ووكالته، وكفى بالله وكيلاً،وكفى بالله كفيلاً. ولهذا ألقى حموله وهمومه عند باب ربه


فاستراح من الهم والعناء وأنشد مع الشاعر :



سهرت أعين ونامت عيون
...........................
في أمور تكون أو لا تكون
إن ربّا كفاك بالأمس ما كان
..........................
سيكفيك في غدٍ مايكون






الأمــــــــــل



ومنثمرات التوكل: الأمل في الفوز بالمطلوب والنجاة منالمكروه، وانقشاع الغمة، وانفراج الكربة، وانتصار الحق على الباطل، والهدى علىالضلال، والعدل على الظلم.
فالمتوكل على الله لا يعرف القنوط إلى قلبه سبيلاً،ولا يغلبه اليأس. فقد علمه القرآن أن القنوط من لوازم الضلال، واليأس من توابعالكفر .

قال تعالى على لسان إبراهيم: (قال ومن يقنط من رحمة ربه إلاالضالون) (الحجر: 56).
وقال على لسان يعقوب: (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسفوأخيه ولا تيأسوا من روح الله، أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (يوسف: 87).
قال ذلك إبراهيم في مقام إنجاب الشيخ الهرم بعد أن أصابه الكبر .
وقالذلك يعقوب في مقام البحث عن يوسف وأخيه بعد أن طال فراقه ليوسف، وانقطاع أخبارهعشرات السنين، ولكنه لم يفقد الأمل، قال: (عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً، إنه هوالعليم الحكيم) (يوسف: 83).

إن المتوكل على الله يعلم أن الملك كله بيدخالقه ومدبر أمره، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملكممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير .

إن شاء أغنى الفقير، وأفقر الغني، وقوى الضعيف، وأضعف القوي، ونصر المظلوم،وأخذ الظالم، وشفى المريض، ويسر على المعسر، وأعز الذليل، وأذل العزيز، قد يفعل ذلكبأسباب معتادة معروفة، وقد يفعله بأسباب غير مألوفة، لا حجر على مشيئته، ولا ينازعهأحد في سلطانه. قد يستدرج الظالم ويملي له سنين، حتى يتوهم أن الله قد نسيه! وقديأخذه في لمح البصر أو هو أقرب. وقد يغيث الملهوف، وينفس عن المكروب، من حيث لايحتسب هو ولا يحتسب الناس من حوله .

ما بين غمضة عين وانتباهتها

يغير الله من حالإلى حال إن دوام الحال من المحال، وسيجعل الله بعد عسر يسراً، وسيطلع بعد كل ليل فجراً .





ولربّ نازلة يضيق بهاالفتى

...........................
ذرعاً، وعند الله منها المخـرج
ضاقت فلمااستحكمت حلقاتها
............................
فرجت، وكنت أظنها لا تفرج



إذا قال قائل: لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، فنحننقول: لا يأس مع التوكل، ولا توكل مع اليأس.
وقد وجدنا النبي صلى الله عليهوسلم أوسع الناس أملاً في الغد، ورجاءً في النصر، حتى في يوم الهجرة، وهو راحل منبلده، مطارداً من قومه، يقول لسراقة ابن مالك الذي يطارده رغبة في جائزة قريش: "كيفبك إذا ألبسك الله سواري كسرى"؟ فيقول الرجل: كسرى بن هرمز؟! فيقول: "نعم كسرى بنهرمز".

ويقول لخباب وقد جاءه يشكو من شدة ما يلقى من العذاب، ويسأل أن يدعوالله على المشركين فيدمر عليهم، ويريح المؤمنين من شرهم وأذاهم، فيغضب النبيالكريم، ويبين له ما حدث لمن قبلنا من المحن، ثم يقول مبشراً: "والذي نفسي بيدهليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا اللهوالذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون".
وقد تحقق كل ما بشر به النبي سراقة وخباباً .

فيا أيها المظلوم والمغلوب، ويا أيها الملهوف والمكروب، ويا أيها المجروحوالمنكوب، لا تيأس، وإن توالت عليك الخطوب، وسدت في وجهك الدروب، فإن علام الغيوب،وغفار الذنوب، وستار العيوب، ومقلب القلوب، سيفرج عنك الكروب، ويحقق لك المطلوب،كما كشف الضر عن أيوب، ورد يوسف على يعقوب .

( وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنيالضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهممعهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين * وإسماعيل وإدريس وذا الكفل، كل من الصابرين *وأدخلناهم في رحمتنا، إنهم من الصالحين * وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدرعليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا لهونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) (الأنبياء: 83 - 88 ).

Roo7
Roo7
نائبة المدير العام

انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 27/10/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى