الروابط البشريه
صفحة 1 من اصل 1
الروابط البشريه
يمكننا بداية ان نعرف الرابطه البشريه بأنها كل رابطه تقوم بين شخصين أو أكثر لتلبية حاجة عاطفية أو اجتماعية، أو تحقيق هدف اقتصادي أو تربوي أو ثقافي أو ...الخ سواء أكان هذا الهدف نبيلا أم دنيئا.
ان الروابط البشريه معقدة سواء أكانت بعقد كالزواج والشراكة والإيجار، أو لا تخضع لعقد كالصداقة والحب والجوار، لأنها تعتمد على تفاهم أشخاص مختلفين في البيئة والتربية والثقافة والذكاء والتجربة
لو كانت الروابط الإنسانية بسيطه، وكان هناك نمط واحد من الرجال ونمط واحد من النساء، لكان كل منهما كتابا مفتوحا أمام الآخر، ولما كانت هناك مشاكل على وجه الأرض.
إن من يظن أن النساء كلهن يتشابهن، وأن هناك نموذجا واحدا من النساء مغفل كبير، ولو عرف ألف امرأة، لأنه لا يرى فيهن غير ما يريد أن يراه، أو ما يمكنه نظره القصير من أن يراه، وكذلك المرأة التي تظن أن الرجال كلهم يتشابهون، ولا أبالغ فأقول إن هناك نماذج من الرجال والنساء بقدر عددهم في المعمورة، ولكن الحقيقة أن هناك نماذج عديدة من النساء ومن الرجال تختلف اختلافا جوهريا في الطباع والسلوك والذكاء والثقافة والسن والبيئة والعادات والتقاليد والأديان والمعتقدات واللغات والقيم والمفاهيم وفي النظرة إلى الخير والشر
وهذا الاختلاف هو الذي يعقد العلاقات الإنسانية، حيث تنسجم الطباع أو تتنافر، وتتفق المصالح أو تتضارب، وتتحد المبادئ والقيم أو تتصارع، وتجتمع الأهواء والميول أو تفترق، مما يسبب صفاء الروابط وانسجامها، أو توترها وضبابيتها.
إن فهم الآخر هو مفتاح كل علاقة ناجحة، ولكن كلاً منا يحاول فهم الآخر من خلال تجربته فينجح مرة ويخفق مرات، أو يخفق مرة وينجح مرات حسب طول باعه وفراسته وخبرته في "معاشرة الناس" التي تحتاج كما يقول المثل الشعبي إلى رأس من النحاس، ولا يمكنك أن تعرف طباع الإنسان وأخلاقه، ونواياه الحسنة أو السيئة، وصدق مشاعره أو زيفها إلا بعد العشرة
ورغم الصدمات التي يتلقاها الإنسان في حياته فلا يلجأ إلى العزلة لأنه اجتماعي بطبعه، ولابد له لتلبية حاجاته العاطفية والطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية من الاتصال بالآخرين، وتنشأ عن تلبية حاجاته العاطفية والاجتماعية علاقتا الحب والصداقة، وعن حاجاته الطبيعية والعاطفية والاجتماعية علاقة الزواج، وتنتج عنها الروابط الأسرية، كما أن رابطه أخرى تنجم عن تجاوره مع الآخرين في السكن ومشاركتهم في العمل، وعن شرائه منهم وبيعه لهم ، ومن دراسته وممارسته هواية رياضية أو ثقافية أو موسيقية أو فنية في منطقته، وهناك انواع من الروابط منها:
روابط وطيدة ثابتة وتجتمع فيها العواطف والمصالح والحياة المشتركة وهي علاقات الزواج والروابط الأسرية والصداقة التي تعتبر أهم العلاقات في حياة الإنسان، والروابط الأخرى المتغيرة بتغير الجوار وبطبيعة العمل ولكنها أساسية أيضا في حياة الإنسان لأنها تلبي حاجاته الاجتماعية والاقتصادية
والثقافية، ولا يستطيع الاستغناء عنها، وصدق الشاعر حيث قال:
والناس للناس من بدو ومن حضر بعض لبعض وإن لم يشعروا خدمُ
والروابط الإنسانية بأنواعها حساسة وهشة وعرضة في كل لحظة للانفصام، إن لم يتوفر لها التبادل في العواطف والتوازن في المصالح وضمان العدل والمساواة للطرفين فمصلحة كل منهما حق له، ومصلحة الآخر واجب عليه، فإذا تجاوز أحد الطرفين الحدود أو حاول استغلال الطرف الآخر انهارت هذه العلاقة وانفصمت عراها، وحل سوء التفاهم محل الوئام والانسجام.
ولكن الإنسان بطبعه يهتم بأخذ حقه أكثر من أداء واجبه بل ويريد أخذ حقوق غيره أيضا لأنه غالبا ما يحاول استغلال أي علاقة لمصلحته، وقد قال المتنبي:
الظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفــة فلعلــة لا يظلمُ
وقد حضت الشرائع السماوية عبر الأنبياء والكتب المنزلة جميعا، على أن يعيش الناس في سلام وان تقوم هناك روابط تقوم على اساس العدل والمساواه.
وحين جاء الإسلام أكد على مبدأ المساواة بين الناس، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:
"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير."
سورة الحجرات الآية 13
كما حض على المعاملة الحسنة للوالدين والأقارب والجيران، والضعفاء من اليتامى والمساكين وأبناء السبيل، قال تعالى:
"واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت ايمانكم، إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا."
سورة النساء الآية 63
وحث كذلك على عدم الاستعلاء على الناس، وذم الاختيال والتكبر، على لسان لقمان وهو يعظ ابنه:
"ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور. واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير."
وحض الإسلام على مكارم الأخلاق وأقلها الكلمة الطيبة وأن يلقى الإنسان أخاه ببشاشة وجه، قال النبي(ص) من حديث له: "والكلمة الطيبة صدقة." متفق عليه
كما قال: "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق."
رياض الصالحين307 رواه مسلم
وكثيرة هي الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تدعو إلى حسن المعاملة بين الناس في شتى المجالات.
وقد سنت القوانين الوضعية لحفظ حقوق الناس، وتنظيم الروابط بينهم، وأقرت المواثيق، ووقعت المعاهدات التي تضمنها ميثاق حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وحقوق العامل، وحقوق الطفل...الخ. وتأسست النقابات لحماية حقوق أصحابها وأنشئت السفارات بين الدول ونشط السفراء والقناصل لتطوير هذه الروابط.
وتأسست المنظمات الإقليمية والدولية لتنظيمها وحل النزاعات بالطرق السلمية ومع كل هذا نرى تزايد الخصومات والنزاعات بين الأفراد والمجتمعات والأمم، فالمحاكم تمتلئ كل يوم بأصحاب الدعاوى من الخصوم والمتنازعين، وكل يدعي أن الآخر ظلمه، والسجون تكتظ بمن تجاوزوا حدودهم واعتدوا على حقوق غيرهم، وحتى الحروب بين الدول مازال أوارها مستعرا في كثير من الجبهات نتيجة محاولة القوي أخذ حق الضعيف دون رعاية للحق والعدل أو لحرمة الجوار.
واذا اجاز الحديث عن الروابط الجائره فماذا نقول ؟
حين يختل ميزان الأخذ والعطاء لصالح الإنسان، كثيرا ما يسكت ويقبل بهذا الوضع، وإذا اختل لغير صالحه يملأ الدنيا صياحا واحتجاجا، لذلك أحب الناس في المجتمعات كلها الإنسان الكريم لأنه يعطي أكثر مما يأخذ، وكرهوا البخيل واحتقروه لأنه يأخذ ولا يحب أن يعطي، وقد تستمر الروابط الجائرة أحيانا، لأن الطرف الآخر يقبل بها لاضطراره وحاجته، ولكنها تظل علاقة مهزوزة وغير طبيعية، فالصداقة القائمة على الانتهاز، والزواج القائم على تسلط أحد الطرفين، وعلاقات العمل القائمة على الاستغلال، كلها علاقات غير عادلة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى علاقات ا لدول والشعوب، فالعلاقة القائمة على تسلط دولة بالقوة على دولة أخرى أو عنصر على عنصر آخر، هي علاقات لا يمكن أن يكتب لها الاستمرار لأنها قائمة على الظلم والاغتصاب أو على العنصرية والعنجهية.
وخير دليل على ذلك سقوط الأنظمة العنصرية في جنوب إفريقيا وناميبيا والزمبايوي، ولاشك أن نظام إسرائيل المحتل الجائر سينهار هو الآخر ولن تحميه القوة الذرية أو النووية ولا أسلحة العالم كله لأنه يتحدى المبادئ والأخلاق والشرائع والأديان ظنا منه بأن الحق للقوة في الروابط الإنسانية والدولية..ومايجري من صراع في اليمن هو خير دليل ملتمس للوصول الى تلك الحقائق...وستشهد بذلك اشراقة كل صباح..........
.
لماذا اذا تدهورت الروابط الانسانيه؟
إن أهم أسباب تدهور الروابط الإنسانية هو اختلاف الأهداف الذي قد ينجم عن اختلاف المصالح، فالإنسان طماع وأناني بطبعه والأنانية أم الشرور. فإذا سعى كل لمصلحته دون النظر إلى مصلحة الطرف الآخر، انقطع الخيط الذي يربط هذه العلاقات واختل التوازن المطلوب ما دامت كل الأطراف تشده لجانبها.
وقد ينجم اختلاف الأهداف عن اختلاف المبادئ والقيم بين طرفي العلاقة، أو اختلاف الثقافة مما يؤدي إلى اختلاف المفاهيم، أو اختلاف المستوى الاجتماعي، واختلاف العادات والتقاليد، والصراع بين الأجيال، واختلاف الطباع. وفيما يتعلق بالعلاقات العاطفية خمود الجذوة العاطفية التي كانت سببا في هذه الروابط، وأحد هذه الأسباب أو أكثر يؤثر تأثيرا سلبيا فيها فيطبعها بالتوتر الدائم الذي يقود إلى الصراع بين الأفراد والجماعات.
القلم- عضو جديد
-
عدد الرسائل : 16
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 03/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى